المقابله الشخصيه الأولى في حياتي. رائع جدا جدا جدا

المقابله الشخصيه الأولى في حياتي. رائع جدا جدا جدا



يتحدث صاحب القصةويقول:

اليوم سأجري المقابلة الشخصية الأولى في حياتي:

وذلك للحصول على وظيفة مرموقة في إحدى الشركات الكبرى في المدينة.

قررت حينها أنه إن تم قبولي فسأغادر وأترك هذا البيت الكئيب إلى غير رجعة.. لالشي ولكن سأرتاح من أبي وتوبيخه الدائم لي ونصائحه التي لا تنتهي.

استيقظت ذلك اليوم في الصباح الباكر وتنظفت واستحممت ولبست أجمل الثياب الموجودة في دولابي. وتعطرت ولما هممت بالخروج إذا بيدٍ تربت على كتفي عند الباب..

التفت فوجدت أبي متبسما رغم ذبول عينيه.بسبب كبر سنه وظهور أعراض المرض جلية على وجهه..

ثم أعطاني بعض النقود وقال لي أريدك أن تكون إيجابيا واثقا من نفسك ولا تهتز أمام أي سؤال..ثم تمم بكلمات وانصرف..كان يتمم بدعوات لي ..

❤️تقبلت النصيحة على مضض وابتسمت وأنا أتأفف من داخلي، هذا الرجل لايتعب ولايمل حتى في هذه اللحظات لا يكف عن تقديم النصائح كأنه بذلك يتعمد تعكير مزاجي في أسعد لحظات حياتي هكذا حدثت نفسي...

❤️ثم خرجت من البيت مسرعا متجها نحو الشركة لأكون أول الواصلين واستأجرت سيارة أجرة وتوجهت إلى الشركة...

وما أن وصلت ونزلت من التاكسي. ودخلت من بوابة الشركة مسرعاً حتى تعجبت كل العجب !!!...

لأنه لم يكن هناك حراس عند الباب ولا موظفوا استقبال سوى لوحات إرشادية وضعت على الجدران تقود إلى مكان المقابلة..في الدور الأعلى

لاحظت أشياء كثيرة وتعجبت..بمجرد أن دخلت من الباب لاحظت أن مقبض الباب قد خرج من مكانه وأصبح عرضة للكسر إن اصطدم به أحد.

حينها تذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأن أكون إيجابيا، فقمت على الفور برد مقبض الباب إلى مكانه وأحكمته جيداوواصلت ..

تتبعت اللوحات الإرشادية ومررت بحديقة الشركة فوجدت الممرات غارقة بالمياه التي كانت تطفو من أحد الأحواض الذي امتلأ بالماء الى آخره. وقد بدا أن البستاني قد انشغل عنه. فتذكرت تعنيف أبي لي على هدر المياه فقمت بسحب خرطوم المياه من الحوض الممتلئ ووضعته في حوض آخر مع تقليل ضخ الصنبور حتى لا يمتلئ بسرعة إلى حين عودة البستاني.

ثم دخلت مبنى الشركة متتبعا اللوحات وخلال صعودي على الدرج لاحظت الكم الهائل من مصابيح الإنارة المضاءة ونحن في وضح النهار فقمت لا إراديا بإطفائها خوفا من صراخ أبي الذي كان يصدح في أذني أينما ذهبت.

إلى أن وصلت إلى الدور العلوي ففوجئت بالعدد الكبير من المتقدمين لهذه الوظيفة

قمت بتسجيل اسمي في قائمة المتقدمين وجلست أنتظر دوري وأنا أتمعن في وجوه الحاضرين وملابسهم لدرجة جعلتني أشعر بالدونية من ملابسي وهيئتي أمام ما رأيته. والبعض يتباهى بشهاداته الحاصل عليها من الجامعات الأمريكية.

ثم لاحظت أن كل من يدخل المقابلة لا يلبث إلا أن يخرج في أقل من دقيقة.

فقلت في نفسي إن كان هؤلاء بأناقتهم وشهاداتهم قد تم رفضهم فهل سأقبل أنا ؟؟؟!!!

فهممت بالانسحاب والخروج من هذه المنافسة الخاسرة بكرامتي قبل ان يقال لي نعتذر منك.

فتذكرت نصيحة أبي وأنا خارج من البيت أريدك أن تكون إيجابيا واثقا من نفسك فمكثت منتظرا دوري وكأن كلامه قد أعطاني شحنات ثقة بالنفس غير عادية .

ما هي الا دقائق فإذا بالموظف ينادي على اسمي للدخول.

دخلت غرفة المقابلة وجلست على الكرسي في مقابل ثلاثة أشخاص نظروا إلي وابتسموا ابتسامة عريضة ثم قال أحدهم متى تحب أن تستلم الوظيفة ؟؟

فذهلت لوهلة وظننت أنهم يسخرون مني أو أنه أحد أسئلة المقابلة ووراء هذا السؤال ما وراءه.

فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بألا أهتز وأن أكون واثقا من نفسي.

فأجبتهم بكل ثقة: بعد أن أجتاز الاختبار بنجاح ان شاء الله.

فقال آخر لقد نجحت في الامتحان وانتهى الأمر.

فقلت ولكن أحدا منكم لم يسألني سؤالا واحدا !!!

فقال الثالث نحن ندرك جيدا أنه من خلال طرح الأسئلة فقط لن نستطيع تقييم مهارات أي من المتقدمين.

ولذا قررنا أن يكون تقييمنا للشخص عمليا ...

فصممنا مجموعة اختبارات عملية تكشف لنا سلوك المتقدم ومدى الإيجابية التي يتمتع بها ومدى حرصه على مقدرات الشركة، فكنت أنت الشخص الوحيد الذي سعى لإصلاح كل عيب تعمدنا وضعه في طريق كل متقدم، وقد تم توثيق ذلك من خلال كاميرات مراقبة وضعت في كل أروقة الشركة.

حينها فقط اختفت كل الوجوه أمام عيني ونسيت الوظيفة والمقابلة وكل شئ ...

ولم أعد أرى إلا صورة أبي !!!

ذلك الباب الكبير الذي ظاهره القسوة ولكن باطنه الرحمة والمودة والحب والحنان والطمأنينة.

شعرت برغبة جامحة في العودة إلى البيت والإنكفاء لتقبيل يديه وقدميه.

لماذا لم أر أبي من قبل؟؟؟

كيف عميت عيناي عنه ؟؟؟

عن العطاء بلا مقابل ...

عن الحنان بلا حدود ...

عن الإجابة بلا سؤال ...

عن النصيحة بلا استشارة ...

لا تتأففوا من كثرة نصائح أبآئكم ، فإن من ورائها حبا كبيرا ستدركونه يوما ما ...وعندما تكونوا في وضعهم .. ربي إرحمهما كما ربّياني صغيرا

x