مسجد الشهيد في مدينة الخرطوم بجمهورية السودان.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد على شارع النيل في موقع بالغ الروعة، إذ يطل على ضفة الجزء الأكبر من النيل الأزرق مقابلا لجزيرة توتي الجميلة، وتجاوره عدد من الحدائق والمتنزهات والفنادق ومجمع قاعات الصداقة للمؤتمرات.
تم تأسيسه نهاية تسعينات القرن الماضي وتم افتتاحه رسميا سنة ٢٠٠٣م، ويبدو أنه قد بني على حساب الجيش السوداني بأمر من الرئيس السابق عمر البشير تخليدا لذكرى الشهداء، ولذلك أطلق عليه مسجد الشهيد، وكان البشير يصلي فيه كثيرا من الجمع ويعد أكثر المساجد الذي كانت خطب الجمعة تنقل منه مباشرة عبر التليفزيون السوداني.
صليت فيه عددا من الجمع، فوجدت فيه روحانية عالية؛ نظرا للعدد الكبير من الناس الذين يصلون فيه بكل هدوء وانسياب، مع امتلاكه لقدر من الأناقة الخالية من النقوش والزخارف التي تسرق خشوع المصلي وتسلب منه تركيزه.
المسجد كبير جدا، ويتكون من ٣ أدوار، في الدور الأول يوجد مجمع قاعات للمحاضرات والأنشطة ومكتبة عامة غنية بالمراجع ودورة مياه نظيفة، ويشتمل الدور الثاني على مصلى كبير يتسع لبضعة آلاف من المصلين الرجال؛ حيث تم تخريج أعمدة بجانب مبنى الدور الأرضى فاتسع في الدور الثاني بما يقترب من ٣٠%، ويضم الدور الثالث مصلى للنساء.
للمسجد منارتان شاهقتان تتركزان في طرفي المسجد ذي الشكل المستطيل وبصورة منفصلة عن مبنى المسجد، ويمكن من قمتهما رؤية مناطق واسعة من العاصمة المثلثة: الخرطوم، الخرطوم بحري، أم درمان، بجانب جزيرة توتي التي تقع وسط النيل متوسطة بين هذه المدن الثلاث!
وتتوسط قبة ضخمة المصلى الرئيسي، بارتفاعها الذي يعادل ثلاثة أدوار وبعرضها الكبير الذي يسقف مساحات واسعة من المصلى، ولها عدد كبير من النوافذ المتعددة أفقيا ورأسيا، وقد طليت القبة من الداخل باللون الأبيض وببعض الآيات بخط عربي جميل، وطليت من الخارج بلون أخضر داكن.
ولأن المسجد مركز متكامل فإنه يقوم بدور ثقافي مشهود في صناعة الوعي وتنمية الثقافة؛ حيث تقام به العديد من الدروس الشرعية والندوات والدورات، وتتنوع بين الدورية المنتظمة وبين فعاليات المناسبات والطوارئ.
ورغم أن المسجد يقع في قلب الخرطوم على شارع النيل الذي يربط الخرطوم بأم درمان، فإن المنطقة لا توجد فيها مجمعات سكنية وإنما مؤسسات حكومية وحدائق ومتنزهات وفنادق؛ ورغم ذلك فإنه يعج دوما بالمصلين ولا سيما يوم الجمعة حيث تزدحم ساحاته الواسعة بمئات السيارات!