مسجد الرشيد في مدينة ديوبند في جمهورية الهند

مسجد الرشيد في مدينة ديوبند في جمهورية الهند



مسجد (رشيد) أو الرشيد في مدينة ديوبند بجمهورية الهند.

أ.د.فؤاد البنا

يقع هذا المسجد في حرم دار العلوم الذي يقع في مدينة ديوباند بولاية أوتار براديش، ويتبع هذا المسجد دار العلوم الذي صار أكبر جامعة إسلامية في الهند إن لم تكن أكبرها، فمبانيها أشبه بمدينة مصغرة، وفيها ٤ مساجد وهذا المسجد أبرزها وأشدها جمالا.

وقد أنشئت نواة هذه الجامعة من قبل عدد من علماء الهند في ١٥محرم ١٢٨٣هـ الموافق ٣١ مايو ١٨٦٧م، وذلك بعد أن قضى الإنجليز على آخر معقل للدولة المغولية الإسلامية في الهند، وبعد فشل ثورة ١٨٥٧م ضد الإنجليز وتحول الاحتلال الناعم إلى احتلال عسكري خشن. ويبدو أن مؤسسي الجامعة متأثرين بأكبر مجدد عرفته شبه القارة الهندية عبر القرون وهو الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي (١١١٤هـ - ١١٧٦هـ / ١٧٠٣م - ١٧٦٢م).

وتسمى هذه الجامعة بأزهر الهند؛ إذ أن لها حضورا فاعلا في تشكيل خارطة التدين في بلدان شبه القارة الهندية الباكستانية وأفغانستان، وأوجدت تيارا إسلاميا عريضا يسمى التيار الدهلوي، وتعد حركة طالبان من مخرجات هذا التيار، الذي يعد ماتريديا في العقيدة، وحنفيا في الفقه، وجشتياً في التصوف!

ونعود إلى هذا المسجد الذي يحظى بملامح جمالية مدهشة، ومن أهمها قبته الشاهقة التي يبلغ ارتفاعها ١٢٠ قدما، وكذا المآذن التي يزدان بها وكأنه تحفة أتي بها من عالم السحر والخيال، ومنها مئذنتان ضخمتان في حجمهما حتى أنهما تشبهان البرجين، ويبلغ ارتفاع كل واحدة منهما ١٨٠ قدما!

ومن شدة ضخامة هيكل المسجد فإن صورة واحدة لا يمكن أن تشمل نواحيه العريضة، وقد استغرق البناء أكثر من ٢٠ سنة، وتؤكد إدارة الجامعة أنها حينما بدأت بالبناء واستنهضت الخيرين للتبرع، لم تكن تحلم بأن يصبح بكل هذه الضخامة والفخامة، لكن تقاطر التبرعات السخية شجعهم على المضي بهذا المشروع حتى ظهر بهذه الصورة التي تبهج القلوب المؤمنة في كل مكان، بحيث صارت أبهاؤه تتسع لأكثر من ٢٠ ألف مصل في وقت واحد.

وقد أقيم المسجد على أرض واسعة، ويمتلك رواقين طويلين على جانبي البوابة المركزية الضخمة، بحيث صار له صرح واسع تم رصفه بالبلاط الحجري الأبيض ويتسع لآلاف المصلين، ويتبعه فناء تم تزيينه ببركة صغيرة ذات ثلاث نوافير وتتصبب منها الأناقة بصورة متميزة، ويزدان هذا الفناء أيضا بحديقة غنية بالأزهار والنباتات التي تمت العناية بها إلى أبعد حد!

وبالطبع فإن المسجد مع الثلاثة المساجد الأخرى القابعة داخل الحرم الجامعي وأبنية الجامعة، تمثل كلها وحدة واحدة، تشتمل على مكتبات للكتب العامة والمخطوطات، وقاعات محاضرات كبيرة، وفصول دراسية، ومساكن للأساتذة والإداريين والطلاب، و مطابخ ومطاعم، ومكاتب إدارية، ودورات مياه نظيفة، ومواقف واسعة للسيارات.

x