مسجد (النور) في مدينة كرايستشرش بنيوزيلندا.
أ.د.فؤاد البنا
هذا المسجد هو أحد المسجدين اللذين وقعت فيهما جريمة قتل المصلين من قبل إرهابي أسترالي ينتمي إلى اليمين المتطرف الذي يحمل حقدا شديدا على الإسلام، وقد وقعت الجريمة في ١٥ مارس ٢٠١٩م، واستشهد في هذا الحادث ٥١ مسلما ٤٢ منهم كانوا يصلون في هذا المسجد، و٩ في مركز لينود الإسلامي، ونتج الحادث أيضا عن جرح ٥٢ آخرين بجروح مختلفة.
سمي بمسجد النور نظرا لأنه أول مسجد على مستوى الكرة الأرضية تشرق عليه الشمس ومن ثم أول مسجد يطلق تكبيرة الأذان في كل الفروض، ذلك أن المدينة التي تحتضنه تقع في جنوب شرق نيوزيلندا التي تقع بدورها في مشرق الكرة الأرضية!
بُني المسجد على نفقة ملك السعودية الأسبق فهد بن عبد العزيز، بمشورة وإشراف الشيخ محمد بن ناصر العبودي، وقد وضعت له حجر الأساس عام ١٩٨١م وانتهى بناؤه سنة ١٩٨٥م.
بني المسجد على الطراز المعماري الحديث مع الإبقاء على بعض الأساسيات في المعمار الإسلامي كالقبة والمئذنة والمحراب، إذ يزدان المسجد بقبة ذهبية شديدة الأناقة تقع في قلب المسجد، وبجانب بوابة الدخول ترتفع منارة بيضاء ذات رأس ذهبي وكأنها شعلة، لتجسد شموخ المؤمن الحق واستقامته على أمر الله في كل الأحوال، ولتؤكد على أن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار وأن أعداءه لن ينجحوا في إطفاء توهجه إلا إذا نجحوا في إطفاء ضياء الشمس!
ويحيط بالمسجد سور صغير لا يحجب نوره، وفي داخل الفناء وخارجه تزدان المنطقة بأشجار كثيفة، وتقابل المسجد حديقة الهاقلي التي تعد من أشهر الحدائق في العالم ويزورها ملايين البشر سنويا، ولا شك بأن هذا الموقع المتميز يزيد لا محالة من جمال المسجد!
وبجانب سكن الإمام والخطيب وبعض المكاتب الإدارية، يمتلك المسجد دورات مياه نظيفة ومواقف متوسطة للسيارات، ويمتلك قطعة أرض تبلغ مساحتها ٣ألف م٢ تنتظر من يبني فيها مدرسة للجالية المسلمة في هذه المدينة التي تعد ثالث مدن نيوزيلاندا.
ومما تنبغي معرفته أن بداية المسلمين في هذا البلد تعود إلى قرن ونصف فقط، بسبب بعد نيوزيلاندا التي تبعد عن أستراليا بأكثر من ١٥٠٠كم، ويشكّل المسلمون حوالي ١٪ من مجموع السكان الذين يصل عددهم إلى ٥ مليون شخص، أي أنهم يبلغون أكثر من ٥٠ ألف ويزدادون بسرعة تقلق اليمين المتطرف، ويمتلكون أكثر من ٣٥ مسجدا وعشرات الجمعيات والمؤسسات والاتحادات والمدارس، ويعدون ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحيين ولكن بفارق هائل!
