مسجد (الصراط المستقيم) في مدينة ساماريندا بجمهورية إندونيسيا.
أ.د.فؤاد البنا
هذا المسجد نموذج للمساجد الريفية التي لعبت دورا كبيرا في تحرير المجتمع من أغلال الخطايا وتغييره نحو الأفضل، وهو أقدم مسجد في ضواحي مدينة ساماريندا الواقعة في مقاطعة كالمنتان الشرقية، إذ يقع في قرية سيبرانغ.
ولهذا المسجد قصة بطلها تاجر من أصل يمني يدعى عبد الرحمن بن السقاف، وكان قد وفَد سنة ١٨٨٠م من بونتياناك إلى سلطنة كوتاي، واختار منطقة ساماريندا سيبرانغ كمكان لإقامته، وكانت هذه المنطقة موبوئة بمصارعة الديوك في النهار ولعب القمار في الليل مع معاقرة الخمور وبعض المعاصي الأخرى، وجمع السقاف عقلاء المنطقة واتفق معهم على وضع خطة لمعالجة هذه الاختلالات، وكان بناء مسجد متميز يحتل صلب هذه الخطة!
ولأن الغاية من بناء المسجد كانت استنقاذ الناس من الارتكاس في المعاصي؛ فقد سمي المسجد ب (الصراط المستقيم)، ونجح بالفعل بعد أمد في تطهير المنطقة من أقذار الأوزار؛ حيث انسلخ الآلاف عن سبل الشيطان المعوجة وانسلكوا في صراط الله المستقيم!
وبعد أن خصصت للمسجد قطعة أرض تبلغ مساحتها ٢٠٢٨ م٢، قام السقاف والأهالي في عام ١٨٨١م ببناء الركائز الرئيسية الأربع للمسجد على قطعة أرض تبلغ مساحتها ٦٢٥م٢، وظل البناء يسير ببطئ نتيجة ضعف الإمكانات حتى اكتمل خلال ١٠ سنوات؛ إذ تم افتتاح المسجد في عام ١٨٩١م.
وفي عام ١٩٠١م قام ثري هولندي يدعى هنري داسان بالتبرع ببعض ممتلكاته لصالح بناء مئذنة مثمنة بطول ٢١م، وقد شيدت بطريقة مبتكرة واختير مكانها خلف قبلة المسجد وبصورة منفصلة عن المبنى!
ومنذ ذلك الوقت أجريت للمسجد بعض الصيانات التي حافظت على جدته وجماله، وأهم عملية ترميم أجريت له كانت عام ٢٠٠١م والتي قامت بها بلدية المدينة. وبسبب تميز تصميمه فإنه أحد المسجدين اللذين فازا في مهرجان المساجد التاريخية في إندونيسيا عام ٢٠٠٣م، ووضع من قبل الحكومة الإندونيسية ضمن قائمة التراث الذي ينبغي المحافظة عليه.