مسجد الاقصى في مدينة أديس أبابا في جمهورية إثيوبيا الاتحاديه١

مسجد الاقصى في مدينة أديس أبابا في جمهورية إثيوبيا الاتحاديه١



مسجد (الأقصى) في مدينة أديس أبابا عاصمة جمهورية إثيوبيا الاتحادية.

أ.د.فؤاد البنا

سمي المسجد بهذا الاسم تيمناً باسم المسجد الأقصى في مدينة بيت المقدس والذي هو قبلة المسلمين الأولى وأحد المساجد الثلاثة التي حبذ الإسلام شد الرحال إليها. ويسمى أيضا بالمسجد الأزرق نظرا لغلبة هذا اللون عليه!

يقع المسجد في سفح أحد الجبال المكسوة بالغابات الخضراء، وسط العاصمة أديس أبابا في شارع ويذرال، وقد انبنى في إحدى نواصي المدينة مطلاً بجماله المتميز على شارعين!

وهو من الأماكن التي تحظى بقيمة ثقافية عالية لدى الحكومة الإثيوبية، بل ومن أهم المزارات السياحية في هذا المدينة الجميلة والتي يحمل اسمها معنى الزهرة الجديدة باللغة الإثيوبية، وكم تبدو المدينة مزهرة بهذا المسجد الرائع!

ويبدو من انحياز المسجد إلى اللون السماوي كأنه يقول بأن بيت الله وإن كانت أوتاده منغرسة في باطن الأرض إلا أنه في الأصل بيت سماوي، يكتنز في شعائره أهم الروابط التي تصل الأرض بالسماء والتي تزكي الإنسان من الطبائع الرديئة لعنصره الترابي وتزرع فيه طاقة السمو نحو المعالي، باتجاه العودة إلى فراديس السماء التي هبط منها أبو البشر بسبب ضعف ذاكرته وضعف عزيمته!

يعد هذا المسجد واحدا من مئات المساجد التي تحتضنها هذه العاصمة التي يتقاسم المسلمون السنة والمسيحيون الأرثوذكس سكناها منذ قرون، ورغم عدم وجود أرقام رسمية دقيقة عن عدد المساجد لا في العاصمة ولا في الدولة؛ فقد قام باحث إثيوبي يدعى عبد الفتاح عبدالله بتأليف كتاب (مساجد مدينة أديس أبابا) وثق فيه لثلاثمائة مسجد في هذه المدينة!

يأتي هذا المسجد في طليعة المساجد التي أتعبتني كثيرا في البحث عن المعلومات التي تخص تفاصيله الضرورية وحتى في البحث عن الصور، فوجدت كثيرا من الصور بعد عناء، ولم أجد أكثر المعلومات المطلوبة رغم أني بحثت أياما وترجمت عشرات النصوص من اللغة الإثيوبية!

ومن الواضح أن المسجد تحفة معمارية رائعة في أحضان طبيعة خلابة، فهو كبير في حجم هيكله الذي يتمدد على مساحة كبيرة من الأرض ويتكون من خمسة طوابق، ولا بد أن هذه المساحة الكبيرة أفقيا ورأسيا تتسع لعدد كبير من المصلين!

ثم إن تفاصيل تصميمه تعطيه أناقة استثنائية في بلد يعاني من الفقر وتظهر تجاعيد الفاقة والسنين في أغلب ملامح حياته؛ فهو مبني من الخرسانة المسلحة ويمتلك مدخلا مهيبا ونوافذ متفاوتة في الحجم وغير مكتملة التقويس باستثناء الدور الأخير الذي تبدو نوافذه المقوسة مثل المساجد اليمنية بقمرياتها الشهيرة!

ويزدان المسجد بقبة ضخمة تنتمي إلى المعمار الإسلامي الأصيل في التراث العربي، وتشمخ إلى العلياء منارة اسطوانية ضخمة ذات ارتفاع شاهق، ورغم أنها عريضة جدا إلا أنها تتسع قبل القمة بشكل كبير لتشكل شرفة عريضة بحجم غرفة مستديرة، ومن خلالها يمكن رؤية أرجاء واسعة من هذه المدينة الجميلة!

وفي فناء المسجد يتصل بالمبنى الرئيسي ذي الشكل المستطيل مبنيان طويلان ليشكلا مع المبنى الأصلي صرحا مفتوحا للمسجد، ويأخذ الصرح المفتوح في الوسط صورة المثلث، وتنفتح إليه نوافذ المباني الثلاثة لدخول الضوء إليها بشكل انسيابي، وكأن هذين المبنيين الإضافيين يشكلان ملحقا للمسجد ومدرسة تابعة له!

ويزداد جمال المسجد باللون الأزرق المطعم بخطوط بيضاء والذي تناغم مع زرقة السماء وسط خضرة الطبيعة الخلابة!

x