مسجد بيرم المركزي في مدينة بيرم بجمهورية روسيا الاتحادية.
أ.د.فؤاد البنا
يقع هذا المسجد في مدينة بيرم الواقعة في جمهورية تتارستان ذات الحكم الذاتي ضمن الاتحاد الروسي.
كان يوجد مسجد قديم في بيرم يتسع ل ٦٥٠ مصلياً فضاق بمرتاديه، وكانت جمهورية تتارستان كلها محتلة من قبل روسيا القيصرية، فتقدم المسلمون سنة ١٩٠٠ بطلب لبناء مسجد أكبر، فحصلت الموافقة من قبل السلطات على البناء سنة ١٩٠١م، وفي صيف عام ١٩٠٢م شيد مبنى المسجد المركزي وفقًا للتصميم الذي قام به مهندس معماري من تتار هذه المدينة، وفي ٢٦ سبتمبر من عام ١٩٠٣م تم افتتاح المسجد، وقد تكفل بتكاليف البناء كاملة عدد من التجار المسلمين في هذه المدينة.
تعرض المسجد لدمار جزئي خلال الثورة الشيوعية، واستخدم الشيوعيون ما بقي من مبناه كمخزن لإرشيف الحزب الشيوعي السوفييتي في هذه المنطقة، واستمر الحال على ذلك منذ عام ١٩٤٠م وحتى عام ١٩٨٦م حينما بدأت سياسة الإصلاح والتخفيف من القبضة الحديدية!
وفي عام ١٩٩٠م عاد المسجد إلى أحضان أهله المسلمين، وبعد أن تمت صيانته وترميمه فتح أبوابه للمصلين وأقيمت فيه الصلوات الخمس والجُمع والأعياد، وما زال دوره ينمو ليشمل أمورا ذات صلة بصناعة الوعي الثقافي والتماسك الاجتماعي.
يتكون المسجد من دورين، وترتفع فوق قاعة الصلاة قبة واحدة ذات لون فضي يتخللها شريط ذو زخارف خضراء. وتلتصق بالمسجد منارة شاهقة ذات شرفة جميلة في المنتصف، وتم تصميمها وفقا للمعمار التتري المتأثر قليلا بطرق العمارة الروسية، فأعطت للمسجد جرعة إضافية من الجاذبية.
تم طلاء هيكل المسجد كله بلون أخضر تتخلله خطوط بيضاء، ما عدا القبة التي طليت بلون فضي، والقسم العلوي من المنارة والذي طلي بلون ذهبي.
ورغم أن المسجد مركزي لكنه ليس كبيرا بالقدر المتوقع من تحفة معمارية بهذه النفاسة والأناقة، والصور تغني عن الشرح وما راءٍ كمن قرأ!
ولمن لا يعلم فإن تتارستان جمهورية ذات حكم ذاتي في إطار الاتحاد الروسي، وتبلغ نسبة المسلمين فيها حوالي ٥٤% من قرابة ٤ مليون هم جملة سكانها، وتزيد مساجدها عن ١١٠٠ مسجدا؛ حيث تضاعفت أكثر من ١٠٠ مرة منذ سقوط الاتحاد السوفييتي سنة ١٩٩٠م، لكن عدد المصلين لم يتضاعف حتى بربع هذه النسبة رغم هامش الحرية الذي يتمتع به المسلمون هناك!
