مسجد الرفاعي في مدينة القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية١

مسجد الرفاعي في مدينة القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية١



مسجد (الرفاعي ) في مدينة القاهرة بجمهورية مصر العربية.

أ.د.فؤاد البنا

يقع هذا المسجد في ميدان صلاح الدين بحي القلعة، ويجاوره مسجد ومدرسة السلطان حسن، وقد زرتهما فاستغربت بناء مسجد ضخم بجانب مسجد لا يقل عنه في ضخامته، إذ أن كل واحد منهما يتسع لآلاف من المصلين، وأثار استغرابي أيضا كمية النقوش والزخارف الداخلية التي لم تغادر مساحة صغيرة أو كبيرة إلا وزينتها بصورة متكلفة ومعقدة، صحيح أنها دقيقة ومتقنة إلا أن ما زاد على حده انقلب إلى ضده، مما يُفقد المساجد بعض روحانيتها!

سمي بهذا الاسم نسبة إلى أحمد عز الدين الصياد الرفاعي وهو من أحفاد الإمام الصوفي المعروف ومؤسس الطريقة الرفاعية.

كان المسجد في مبدأ أمره صغيرا ويعود إلى العصر الفاطمي، إذ بناه والي القاهرة سنة ٥١٦ هجرية، وكان اسمه مسجد الذخيرة الملكية، ثم نشأت بجانبه زاوية تتبع الطريقة الرفاعية وكان فيها قبر الصوفي على بن أبى شـباك الذي يعد من ذرية الشيخ أحمد الرفاعي، وباسمه سمي المسجد ونسبه الناس إلى الرفاعي الجد الذي هو من أقطاب الصوفية الكبار ويقام حفل ميلاده كل عام في هذا المسجد!

وفى عام ١٨٦٩م أمرت خـوشيار والـدة الخديوي إسماعيل بتجـديد زاوية الرفاعـي وبنـاء مسجد كبير تلحق به مدافن لها ولأسرتها، ثم قامت بنقل رفات مشايخ الطريقة الرفاعية، وضمت لها بعض الأراضي المجاورة له، وظل العمل يسير بوتيرة عالية إلى أن توفي المهندس المعماري المسؤول عنه وهو حسين باشا فهمي، ثم توفي الممول وهي خوشيار هانم سنة ١٨٨٥م فتوقف العمل لمدة ٢٠ عاما، وفي عام ١٩٠٥ استؤنف العمل إلى أن تم الافتتاح سنة ١٩١٢م من قبل الخديوي عباس حلمي الثاني.

يتميز المسجد بتصميمه المعماري الذي عمد القائمون عليه إلى أن يكون مدهشا؛ حيث يحتوي على نقوش معقدة وزخارف دقيقة، وتم جلب أرقى المواد التي يحتاجها التشييد من خارج مصر بما فيها الرخام، ويقال إنه أول مسجد في مصر تم استخدام مادة الإسمنت في بنائه.

للأسف أن المسجد ينقسم إلى قسمين الأول للصلاة، والآخر للمقابر الملكية الخاصة بأسرة محمد علي باشا، حيث دُفن به الخديوي إسماعيل ووالدته خوشيار والملك فؤاد الأول والملك فاروق الأول، وبعد انقلاب الخميني على الشاه محمد رضا بهلوي لجأ الشاه إلى مصر وطلب من الرئيس أنور السادات أن يسمح بدفنه في المسجد بجانب من ذكرناهم، وما هي إلا أشهر قليلة حتى مات سنة ١٩٨٠م ودفن هناك!

أخذ مبنى المسجد شكلا مستطيلا، وتبلغ مساحته ٦٥٠٠م٢، لكن القسم المخصص للصلاة ذو شكل مربع وتصل مساحته إلى ١٧٦٧م٢ فقط.

ومن الناحية الفنية فإن المسجد تحفة معمارية بالغة الروعة؛ فهو من أغنى مساجد القاهرة بالنقوش والزخارف في كل زاوية منه، وكأن وجود مسجد السلطان حسن في بابه، وهو مسجد مملوكي ضخم، قد مثل حافزا لبناته لكي يأتوا بأفضل منه أو بمثله في الحد الأدنى، والصور الداخلية تغني عن الشرح الطويل لجماليات هذا المسجد المتميز!

x