مسجد حبيب النجار في مدينة انطاكيا في جمهورية تركيا2

مسجد حبيب النجار في مدينة انطاكيا في جمهورية تركيا2



مسجد (حبيب النجار ) في مدينة انطاكيا بجمهورية تركيا.

أ.د.فؤاد البنا

هو مسجد تاريخي يقع في وسط مدينة انطاكيا التي كانت منارة ثقافية في عدد من العصور وتزخر بكثير من الآثار المتنوعة، وتؤكد روايات تاريخية بأن من بناه هو الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح، بعد أن قام بفتح هذه المدينة سنة ٦٣٨م.

وقد بني المسجد في منطقة منخفضة بين جبلين، رغم وجود أماكن مرتفعة في المدينة، ويبدو أن سبب ذلك هو أن هذا المكان كان يحتضن مقام مؤمن آل ياسين الذي ورد ذكر قصته في القرآن، وذلك في بضع آيات من سورة ياسين، وذهب بعض رواة السير إلى أن اسمه حبيب النجار وأنه كان يعيش في هذه المدينة، ومن ثم فقد أطلق اسمه على هذا المسجد، تخليدا لمواقفه العظيمة حيث كان أول من آمن بالمرسلين إلى قومه، ثم ضحى بحياته إعلاء لكلمة التوحيد وثباتاً على الحق!

ومن المؤكد أن مبنى المسجد الموجود اليوم لم يعد كما بناه أمين هذه الأمة، فقد دمر وشيد عدة مرات، بسبب الكوارث الطبيعية والحروب بين الدول المختلفة وكذا الحروب مع الصليبيين، أما النسخة القائمة الآن فقد تعرضت لتجديد شامل مطلع هذا القرن الميلادي على يد المديرية العامة للأوقاف وتم افتتاحه أمام المصلين والزوار سنة ٢٠٠٦م.

ورغم هذا التجديد فقد تمت المحافظة على نمطه المعماري الذي يعود إلى القرون الوسطى، كما يبدو من هيكله الخارجي، بل تشير بعض النقوش الموجودة في المسجد إلى أنه أول مسجد بني في هذه المدينة التي تقع جنوب غرب تركيا على بعد ٣٠ كم من ساحل البحر المتوسط.

ويعتبر المسجد في الوقت الحاضر تحفة فنية ذات قيمة تأريخية عالية ولا سيما أنه يرتبط في الوجدان المسلم بقصة بطولة وتضحية خلدها القرآن الكريم في بعض آياته، وتحيط به عدد من المدارس الدينية التي شيدها العثمانيون بنفس البساطة التي تميز بها المسجد حتى لا تبدو أفضل من بيت الله!

وتتزين باحة المسجد بنافورة تمت إضافتها في القرن التاسع عشر، ويمتلك قبة واحدة عريضة منحت المسجد ارتفاعا كبيرا وتقوم على عدد من الأقواس التي تم تزيينها من الداخل من دون مبالغة!

وترتفع مئذنة واحدة في أحد أطراف المسجد، وكانت قد شيدت في القرن السابع عشر، ورغم أنها بنيت في العصر العثماني إلا أن تصميمها نحا منحى العمارة الأموية؛ ولذلك فإن ارتفاعها يبلغ ١٦م فقط على عكس المآذن العثمانية الشاهقة. وتم تشييد القبة والمئذنة والمسجد كله من الرخام الأبيض والجرانيت.

وفي أكناف المسجد يوجد ضريح حبيب النجار ويوجد ضريحان آخران يقال إنهما للنبيين يونس ويحيى عليهما السلام مع أن الثابت أن نبي الله يحيى كان في فلسطين.

x